الغربة – قصة قصيرة
"
ما هذا النور ؟ لا أستطيع أن أفتح عيناي .. لا أستطيع أن أرى شيئا ، و ما هذه الأصوات الغريبة التي أسمعها ، أصوات تتحدث بلغة غريبة لا أفهمها كما أنها أصوات صاخبة و متداخلة ، سأحاول أن أفتح عيناي قليلا ، الأمر صعب جدا فكل حياتي قبل هذا كانت في الظلام ، عيناي لا تستطيعا الاحتمال ، سأحاول مرة أخرى ، لا أرى سوى خيالات .. ما هذا المكان الذي أنا فيه ، و ما الذي أتى بي إلي هنا ، كل ما أتذكره أني كنت نائما في بيتي الذي لا أعرف غيره و فجأة .. لا أتذكر .. لا أتذكر شيئا ، سأحاول أن أفتح عيناي أكثر فلقد بدأتا التعود على النور قليلا .
ما هذا ، أين أنا ، ما هذا الذي أراه ، غرباء يحيطون بي من كل جانب و كلهم ينظرون إلي ، أشعر بخوف شديد.
- من أنتم و ما أنتم ؟
صرخت بأعلى صوتي عليهم و لكن لا أحد يرد و كأنهم لا يفهمونني ، أو يفهمون و لكن لا يعيرونني أي انتباه ، ماذا أفعل الآن ، لا أدري ، لم يسبق لي أن خرجت من بيتي قبل هذا ، كيف أنجو مما أنا فيه ، و الغريب في الأمر أنهم ينظرون إلي جميعهم و على وجوههم تعبيرات واحدة لا أعلم حتى مدلولاتها أهي كره أم حب أم حزن أم استغراب .. لا أعلم ، و لكنها مشتركة بشكل غريب .
- ما الذي جاء بي إلي هنا ؟ أريد أن أرجع إلي بيتي .
صرخت مرة أخرى صرخة طويلة حادة لعلهم يخافون مني فيبتعدوا أو يتوقفوا عن النظر إلي ، فالصراخ الآن هو سلاحي الوحيد الذي لا أملك غيره ، و لكنهم لا يعيروا لصراخي عليهم أي انتباه و كأنه شيء اعتيادي ، بل و بدأ أحدهم بوضع يده على جسمي ليتحسسني و كأنه يتحداني.
- فلترفع يدك عني ، لا تلمسني .
- أنا أشعر ببرد شديد .
- أين أنا ؟
تواصل صراخي الهستيري الحاد عليهم ، و لكن الغريب أن التعبيرات على وجوههم لم تتغير بصراخي بل ازدادت عمقا في اتجاهها ، و فجأة انتبهت إلي أن أحدهم بجواري تماما ، التفت إليه فإذا به ينظر إلي هو أيضا و لكن تعبيرات وجهه مختلفة عن الباقيين.
- من أنت ؟
صرخت عليه و لكن هذه المرة لم تكن صرختي حادة ، لا أعلم لماذا ، أعتقد أن نظراته إلي هي التي أجبرتني على هذا ليس هذا و فقط ، بل و أخذتني تماما حتى أصبحت لا أشعر بوجود الباقيين ، من هذا ، أشعر أني أعرفه ، لا أنا متأكد أني أعرفه جيدا .
- من أنت ، أنا أعرفك .
صرخت مرة أخرى ، لم يرد علي و لكني أعتقد أنه فهم ماذا أريد أن أقول له ، أفهم هذا من نظراته إلي ، ماذا يفعل الآن ، إنه يضمني إليه ، ما هذا الإحساس .
- ضمني أكثر إليك .
صرخت عليه و لكن رجاءا هذه المرة ، فلقد بدأت أشعر أني أرجع إلي بيتي.
"
مايو 2009