الأحد، 7 سبتمبر 2008

تعليق على أهم الأنباء

تعليق على كل أحداث اليوم المحزنه
ليس تعليقي و لكنه مقال رائع لإبراهيم عيسى أنقله كاملا كما هو


أحلام وكوابيس مصرية!


الشارع الجانبي لا يخلو من مارة وأناس في الشرفات، والسيدة تسير علي مهل وتقف أحيانا أمام معارض الأزياء.يتعرض لها أربعة شبان دون العشرين، تتجهم في وجوههم وتبتعد عن طريقهم، ينقضون عليها ويعبثون بها، تقاوم والناس تتفرج دون أي مبادرة.. الشبان يمزقون ثوبها ويعرون أجزاء من جسدها، السيدة تصوت مستغيثة، راقبت ما حدث فتوقفت عن السير وملكني الارتياع والاشمئزاز وددت أن أفعل شيئاً أو أن يفعله غيري ولكن لم يحدث شيء، وبعد أن تمت المأساة وفر الجناة.. جاءت الشرطة، وتغير المكان فوجدت نفسي مع آخرين أمام مكتب الضابط، واتفقت أقوالنا، ولما سئلنا عما فعلناه كان الجواب بالسلب وشعرت بخجل وقهر، وكانت يدي ترتجف وهي توقع بالإمضاء علي المحضر.إلي هنا انتهي حلم كاتبنا الراحل نجيب محفوظ الذي حمل رقم 21في كتابه الفذ أحلام فترة النقاهة، وعلي طريقة فيلم «نهر الحب» وحلم فاتن حمامة الشهير حيث تقف بسيارتها أمام المزلقان مع قدوم القطار وتتعطل السيارة مع عدم قدرتها علي فتح الباب وصراخ ابنها عليها حيث قال الدكتور وهو يحلل الحلم إن ابنها هو الكائن اللي بيربطها بالحياة والسيارة هي حياتها المقفولة الكئيبة والقطار هو رغبتها في الموت وجرس المزلقان هو ضميرها، علي هذه الطريقة الفرويدية الفتونة حمامية (نسبة إلي فرويد وفاتن حمامة) أشرح حلم نجيب محفوظ بأن السيدة هي مصر التي يغتصبها صبيان السياسة والحكم وصبية البزنس ومليارديرات التوريث، ومع ذلك فالشعب يري اغتصاب البلد وسرقته ونهبه وهو عاجز يكتفي بالفرجة!هذا هو تفسيري لحلم نجيب محفوظ لكن هناك تفسيرا آخر أوضح وأكثر خزقا للعين فهو لا يتحدث عن أحلام بل واقع مهبب كتب عنه مفكرنا الرائد (الرائد بجد مش علي طريقة إعلامنا الرائد ) دكتور جمال حمدان في كتابه الموسوعي المؤسس شخصية مصر قال بالحرف الواحد (الحقيقة بعد هذا أن مسئولية الطغيان الحاكم تتضاءل بدورها أمام مسئولية الشعب نفسه، الشعب -ولا أوهام في هذا-هو المسئول الأول والأخير، الأصلي والأصيل، حتما وبالضرورة، فإذا كان الحكم في مصر مأساة أو ملهاة، كارثة أو مهزلة، فإن سببها الشعب وحده نظريا وعمليا، وكم كان الكواكبي صحيحا صادقا حين قال إن مبعث الاستبداد هو غفلة الأمة، ومرفوض هو المنطق الانهزامي المعكوس الذي يعتذر للشعب أو عنه بأنه مغلوب علي أمره لا قدرة له علي الثورة، مكبل أعزل من السلاح.. إلخ، فالطغيان لا يصنعه الطاغية، وإنما الشعب هو الذي يصنع الطاغية والطغيان معا، والشعب مسئول عن الطغيان مسئولية الطاغية نفسه وزيادة، المثل الشعبي المصري نفسه يقول: «قال يا فرعون من الذي فرعنك؟ قال:لم أجد من يمنعني» والمثل الانجليزي المعروف يقول: «القوة المطلقة مفسدة مطلقة»، كل سلطة فهي مفسدة ليست مفسدة فقط، بل مذهبه للعقل أيضا، يمكن للحاكم من خلالها أحيانا أن يري كل حق باطلا وكل باطل حقا، وفي كل شيء عكس ما كان يراه من قبل بغيرها، ومن هذه الزاوية فإن الشعب لا يعفي من اللوم، وليس له إلا أن يلوم نفسه أساسا، فهو الجاني مثلما هو المجني عليه، الفاعل والضحية، ظالم لنفسه كما هو مظلوم بحاكمه..بل لعل الأوضاع السيئة التي يتردي فيها وإليها كل يوم أن تكون العقاب الطبيعي المستحق لتفريطه في حق نفسه وتهاونه في الدفاع عن حريته وكرامته وعزته وسيادته، فالحاكم الرديء الطاغية إنما هو عقاب تلقائي وذاتي لشعبه الذي سمح له بأن يكون ويبقي حاكما(وقديما كان قادة التتار والمغول من عتاة السفاحين والطغاة يتوعدون ضحاياهم بقولهم عن أنفسهم أنهم لعنة الله علي الأرض أرسلهم نقمة وعقابا!) أي أن خير عقاب لمصر دائما علي ما هي فيه، هو ما هي فيه بالفعل، وكأنها بهذا أيضا تعاقب نفسها بنفسها بانتظام، والحديث يقول: «كما تكونوا يول عليكم»، بينما يذهب القول الفرنسي المأثور إلي أن «لكل شعب الحكومة التي يستحقها وأخيرا وليس آخرا» فقل لي من حاكمك، أقل لك من أنت، «قل لي من الحاكم، أقل لك من الشعب».والله العظيم ثلاثة هذا ما كتبه دكتور جمال حمدان في شخصية مصر، ولا أملك بعد ذلك إلا أن أقول له كما يقولون لأشهر شخصية في مصر محمد أبوتريكة: الله عليك تسلم رجليك!

هناك تعليق واحد:

mido g يقول...

اعشق ابراهيم عيسى