حـــــــــــــــل الفزورة

حل الفزورة

معجزة محمد صلى الله عليه و سلم أنه بلا معجزة ... هكذا ببساطة و بوضوح ... نعم محمد صلى الله عليه و سلم تجربة بشرية خالصة تخلو تماما تماما من المعجزات الخارقة المغيرة للأحداث .
فهو رجل اجتمعت فيه كل صفات الخير فرفض ما وجد قومه عليه و ظل يبحث عن الحقيقة حتى وجدها .. فاستخدمه الله عز وجل لإصلاح الأرض فقاد أمة متخلفة ظالمة تخون الأمانة و تنتهك الحرمات و تستقوي على الضعفاء ... قادهم ليقودوا العالم كله لأفضل فتراته في العدل و الرحمة و كل هذا بطريقة بشرية خالصة .

قد يقول البعض و أين الإسراء و المعراج و أين خروجه أمام كفار مكة يوم الهجرة بدون أن يرونه .. فأقول لهم نعم إن الإسراء و المعراج معجزة خارقة للطبيعة فعلا و لكنها ليست ذات تأثير على مجرى الأحداث و إنما كانت رحمة من الله عز و جل بعبده و حبيبه و مصطفاه بعد أن فقد درعه أبو طالب و سنده خديجة و بعد رحلة الطائف و ما حدث فيها فأراد الله أن يخفف عنه و أن يخبره أن سيد ولد آدم فجعله يؤم الأنبياء في الصلاة و هم خير المصلحين في هذه الأرض و محمد خيرهم و جعله يدخل إلي سدرة المنتهى و التي وقف عندها الروح الأمين و لم يتخطاها ... أما بالنسبة لخروجه يوم الهجرة أمام كفار مكة .. نعم هي معجزة مغيرة في مجرى الأحداث و لكنها ليست بالمعجزة الخارقة و لكنها هدية الله عز و جل و توفيقه لكل مجتهد في اتخاذ أسباب النجاح و لو بحثتم في أحداث حياتكم لوجدتم معجزات بسيطة كهذه تحدث لكم باستمرار ، و أنا شخصيا حدثت لي مثل هذه الأشياء كثيرا كثيرا .
و أين هذه الأشياء من معجزة فرق البحر لموسى و التي لولاها للحق به فرعون و معجزة تغيير النار لخصائصها حتى لا تحرق إبراهيم و معجزة سفينة نوح التي حملته و من معه فأنقذتهم من الطوفان العظيم و معجزة خلق عيسى ... كل هذه معجزات خارقة و فارقة تماما في مجرى الأحداث .

إذن ما السر في نجاح محمد صلى الله عليه و سلم بهذا الشكل لدرجة أن جعل بعض المنصفين من الغرب يؤكدون أنه الرجل الأكثر تأثيرا في البشرية و هنا تكمن المعجزة ... إنه القرءان ... و لكن القرءان معجزة اختيارية .

القرءان معجزته ليست أنه كلام بليغ نزل على قوم يتقنون البلاغة فانبهروا به .. أبدا و الله ... القرءان معجزته أنه قائد و دليل و مهذب للنفوس و مربي و هو الذي مكن محمد صلى الله عليه و سلم من أن ينقل أصحابه مما كانوا فيه لما أصبحوا عليه .
خلاصة هذا الكلام ... أن القرءان معجزة نعم و لكنها إختيارية بمعنى أننا لو اتبعنا القرءان لاستطعنا أن نكرر هذه التجربة ... و بكل ثقة نعم نستطيع أن نكرر هذه التجربة ... و لهذا أراد الله عز و جل أن تكون التجربة الأساسية بشرية خالصة ليعلنها و بكل وضوح أنها قابلة للتكرار .. كل ما علينا أن نقرأ القرءان ... نقرأه بتدبر ... نقرأه بعقولنا و قلوبنا و ليس بألسنتنا ... و ما نفهمه منه نعمل به فورا .. و هذا هو الشرط الوحيد لتكرار التجربة .

فهل نستطيع أن نكون مثل محمد صلى الله عليه و سلم و أصحابه ، محمد ... لا نستطيع فهو هو و لكننا نستطيع أن نكون مثل أصحابه .. و لم لا طالما اتبعنا نفس السبب الذي مكنهم من النجاح فقط إقرأوا القرءان بعناية و تدبر
" وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ"

أكتب هذا المقال في هذه الأيام لأنني أعرف أننا كلنا اقتربنا و بشدة من القرءان في الأيام الماضية .. و أعرف أيضا و للأسف أن معظمنا سيبتعد عنه في الأيام القادمة .. لذا أرجوكم .. أرجو كل من يريد الإصلاح في الأرض .. أرجو كل من يريد لبلاده أن تنهض ... هذا هو الطريق و لا طريق غيره
"ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ"

إقرأوا و لو صفحة كل يوم و تدبروا ما فيه و اعملوا بما يأمر سنكون بإذن الله عز و جل في أول طريق الإصلاح
"إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ"